بعد احتجاجات طالبات جامعة الملك خالد في ابها جنوب السعودية وتعرضهن لاعتداءات من قبل قوات الأمن السعودية دقت الاحتجاجات أبواب جامعة تبوك في شمال البلاد التي شهدت تجمعا احتجاجيا لطالباتها بعد أسبوع واحد فقط من تنظيم موظفات الجامعة نفسها احتجاجا تعمدت وسائل الإعلام السعودية تغييبه عن الإعلام في سياق التعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطات السعودية على الحراك الشعبي السلمي المتصاعد منذ 14 شهرا للمطالبة بإصلاحات سياسية في المملكة التي تخضع منذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي لنظام ملكي مطلق عطل أي امكانية لظهور قوانين او دساتير تنظم حقوق المواطنة والإنسان وأعطى للأسرة الحاكمة صلاحيات مطلقة لإدارة شؤون البلاد كما ترتئي.
التوسع الجغرافي للحراك الشعبي السلمي الذي بدأ من المنطقة الشرقية قبل أن ينتقل إلى الجنوب ومن ثم إلى الشمال مرورا بالعاصمة الرياض وانضمام شرائح متنوعة من الشعب السعودي كان آخرها عاملو الهلال الأحمر السعودي أسقط بشكل نهائي ذرائع النظام السعودي الذي اتهم المحتجين السلميين بالخيانة والعمالة وبأنهم ينفذون أجندات خارجية في محاولة لإيجاد مسوغات للقوات الأمنية السعودية لقمع هذه الاحتجاجات وضربها بكل حزم وقوة بحسب تعبير وزارة الداخلية السعودية في أكثر من مناسبة.
المظاهرة التي نفذها مسعفو الهلال الأحمر السعودي أمس في العاصمة احتجاجا على نقل بعض زملائهم بشكل تعسفي لمجرد الحديث عن سوء أوضاعهم المالية والإدارية ومشكلات التعاون بين هيئة الهلال الأحمر والمستشفيات الطبية الخاصة والعامة عبر برنامج إذاعي كشفت عن عدم امتلاك المملكة الخبرة الكافية في مجال حقوق الانسان والحرية ولاسيما أنها قامت قبل ايام قليلة بإيقاف بث برنامج تلفزيوني لمجرد استضافته للأديب والكاتب السعودي زهير كتبي وتحذيره من ثورة الجياع القادمة الى السعودية التي عملت أسرة آل سعود الحاكمة فيها على مدى العقود الماضية على تجاهل حقوق الإنسان والتحكم بالشارع السعودي عبر هيئات تابعة لها وتخدم مصالحها.
وأمام انكسار حالة الخوف لدى الشباب السعودي اضطر مسؤولو النظام السعودي الى الإقرار بالحالة المزرية لحقوق الإنسان في المملكة حيث أقر أمير منطقة حائل بتحويل مناهج التعليم في المملكة إلى ساحة لصراع عقيم بين مدارس فكرية لا علاقة لها بالتربية والتعليم وذلك بعد يومين فقط من اعتراف رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى السعودي عن تلقي لجنته أكثر من 28 ألف شكوى يتعلق معظمها بقضايا حقوق الإنسان خلال السنوات الثلاث الماضية وذلك في خطوة اعتبرها مراقبون مجرد محاولة لذر الرماد في العيون حيث اعتبر الناشط السعودي فؤاد ابراهيم أن النظام السعودي لا ينوي إجراء اصلاحات حقيقية وأنه يعمل في ظل صمت اميركي على ارتكاب المزيد من الانتهاكات وحتى القتل بالرصاص الحي بحق المتظاهرين السلميين.
وتكشف الأنباء المتواترة على قلتها حول الحراك الشعبي السلمي المطالب بإصلاحات سياسية عن توقيع 2500 شخص على بيان أطلقه شباب سعوديون قبل أيام للمطالبة ببناء دولة الحقوق والمؤسسات وترسيخ قواعد الحوار وعدم الاستقواء بالسلطة لإقصاء الآخرين.
ويرى مختصون بالشأن السعودي أن مجمل الحراك الشعبي السلمي في السعودية يأتي تجسيدا لتطور لا عودة عنه إلى الوراء يشهده المجتمع السعودي الذي لا يملك قدراً من المعرفة بمجالات حقوق الإنسان بسبب سياسة آل سعود التي عملت خلال العقود الماضية على إضعاف ثقافة حقوق الإنسان وقمع أي أصوات تطالب بالعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان واتهامها بالخيانة والعمالة لأطراف خارجية تهدد أمن المملكة واستقرارها.
وفي المحصلة إن اتساع الرقعة الجغرافية للاحتجاجات الشعبية السلمية في السعودية وانضمام شرائح متنوعة من الشعب السعودي إليها أسقط محاولات السلطات السعودية إسقاط الصفة الجغرافية على هذه الاحتجاجات ووضعها في موقف حرج باتت فيه غير قادرة على الاستمرار في اخفاء الحراك الواسع الرافض لسيادة النظام السعودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الإخوة / متصفحي موقع السبئي نت المحترمون
نحيطكم علماُ بان اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره.
مع تحيات "ادارة الموقع"