السبئي نت – بيروت –خاص:
أطلقت الإسكوا في مؤتمر صحافي اليوم التقرير العالمي عن "مكافحة الفقر وعدم المساواة: التغيير الهيكلي، السياسات الاجتماعية والسياسة" الصادر عن معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية، وذلك في بيت الأمم المتحدة في بيروت.
تضمّن المؤتمر عرضين لكل من المديرة التنفيذية للمعهد سارا كوك، والقائم بأعمال إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في الإسكوا طارق علمي.
أشارت كوك إلى أن تحسين رفاه الإنسان هو الهدف الرئيسي لسياسية التنمية الدولية، وقالت إن "الأهداف الإنمائية للألفية تسعى إلى تقليص الفقر في العالم إلى مقدار النصف بحلول عام 2015. وإن كان هذا الهدف قابلاً للتحقيق، سيبقى أكثر من بليون شخص، لاسيّما في جنوب صحراء أفريقيا وجنوب آسيا، فريسةً للفقر". وأضافت أن التقرير يتمحور حول ثلاث قضايا رئيسية مترابطة، هي الاقتصادية (النمو والتغير الهيكلي)، الاجتماعية (الحماية الاجتماعية العالمية والخدمات الاجتماعية)، والسياسية (الحقوق المدنية والنشاط والترتيبات السياسية). واختتمت كوك بالقول إن "مكافحة الفقر وعدم المساواة لا تتحقق فقط بوجود السياسات الاقتصادية السليمة بل أيضاً عبر السعي نحو إيجاد سياسات اجتماعية شاملة وأنواع سياسات تعطي أهمية لمصالح الفقراء في السياسة العامة".
من جهته، اعتبر علمي أن البطالة هي تحد إنمائي رئيسي في معظم الدول العربية، مشيراً إلى أن معدلات البطالة في هذا العقد الأول من القرن الحالي كانت بنسبة أقل بقليل مما كانت عليه في التسعينات من القرن الماضي. وأوضح أن أقل البلدان العربية نموا قد شهدت زيادة كبيرة في معدلات البطالة، أي تقريباً من 14 إلى 19 في المائة، وأن نسبة البطالة لسكان المنطقة العربية هي 54 في المائة، أي بمعدل 8 في المائة أقل من متوسط المناطق النامية الأخرى. وأضاف علمي أن عدد الفقراء في المنطقة العربية بالاستناد إلى خطوط الفقر الوطنية الدنيا قد ازداد في السنوات العشر الماضية من 34.9 مليون إلى 35.2 مليون. هذا ونبّه إلى أن أقل البلدان نموا قد شهدت زيادة في معدل عدد الفقراء استناداً إلى خطوط الفقر الوطنية من 7.7 مليون إلى 9.3 مليون. وعدد علمي بعض السياسات القصيرة الأجل للاقتصاد الكلي التي يمكن أن تساهم في تحقيق هدف الحد من الفقر، مثل السياسة المالية لصالح الفقراء، وتحسين النظام الضريبي، وتحديد التهرب من الضرائب، والضرائب التصاعدية، والسياسة المالية المعاكسة للدورة الاقتصادية وغيرها.
يبحث التقرير أسباب الفقر وديناميكيته وديمومته، بالإضافة إلى ما يصلح وما لا يصلح في الفكر والممارسات السياسية الدولية. كما يكشف التقرير عن العمليات المتعددة والمعقدة المؤدية إلى الحد المستدام للفقر، ويضع مجموعة من السياسات والتدابير المؤسسية التي يمكن للدول اعتمادها لتحقيق ذلك.
وكان قام اليوم رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري ونائبة أمين عام الأمم المتحدة أشا روز ميجيرو والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف بافتتاح الاجتماع الرابع عشر لآلية التنسيق الإقليمية لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في الدول العربية وذلك في بيت الأمم المتحدة في بيروت. تخلل الافتتاح، الذي شارك فيه مديرون ومسؤولون إقليميون لوكالات ومكاتب الأمم المتحدة في المنطقة، كلمات لكل من الحريري وميجيرو وريما خلف والأمينة العامة المساعدة للشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية سيما بحوث .
أشار الحريري في كلمته إلى أنه لم يتردد في قبول دعوة الأمينة التنفيذية للإسكوا لافتتاح هذا الاجتماع الذي يشكلّ بالنسبة إليه الفرصة المثالية لتأكيد دعمه لعمل الأمم المتحدة في لبنان والمنطقة، وللتعبير عن وجهات نظره حول الوضع الراهن في لبنان والدور الذي يمكن أن تضطلع به المنظومة الدولية لحماية استقرار لبنان السياسي والاقتصادي. ووصف رئيس الوزراء وجود الأمم المتحدة في لبنان بأنه وجود فريد، حيث أن القليل من الدول لديها في وقت واحد، "بعثة سياسية للأمم المتحدة وبعثة حفظ سلام وتمثيل لمعظم وكالات الأمم المتحدة ومقر إقليمي للأمم المتحدة، إضافة إلى إحدى اللجان الإقليمية الخمس في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة". وشدد الحريري على أن اللجنة ستبقى موضع ترحيب في لبنان.
وتطرّق الحريري إلى عمل الأمم المتحدة معتبراً أن الكثير من المساعدة التي تقدمها وكالاتها والموارد التي تنفقها والأموال التي تعمل على جمعها هي لمعالجة الآثار المباشرة وغير المباشرة للصراع العربي – الإسرائيلي. واختتم قائلا: "إن حضورنا هذا اللقاء هنا، في بيت الأمم المتحدة في بيروت، هو أيضا للتأكيد على تمسك لبنان بالشرعية الدولية وقراراتها، خاصة قرار مجلس الأمن 1701 الذي تنتهكه إسرائيل يوميا". وأكد رئيس الوزراء على أن الوحدة الوطنية في لبنان ستبقى في منأى عن كل الضغوط والتشنجات.
أما ميجيرو، فقد أكدت على أن آلية التنسيق الإقليمية هي دعامة من دعائم المنظمة وأن هدفها الواضح هو تنسيق السياسات على المستويين الإقليمي ودون الإقليمي من أجل خلق أثر أكبر لعمل الأمم المتحدة عالمياً، منوّهة بالدور الذي ستؤديه الأمينة التنفيذية الجديدة للإسكوا في هذا الصدد. وأشارت إلى العلاقات المتينة التي تجمع الأمم المتحدة بشركائها الإقليميين الاستراتيجيين، ولاسيّما جامعة الدول العربية ومؤسسات بريتون وودز ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية. وقالت نائبة الأمين العام إن توقيت هذا الاجتماع هو الأنسب لأنه يركّز على الشباب والحد من الفقر، بالأخص في أعقاب إعلان الجمعية العامة الفترة بين آب/أغسطس 2010 وآب/أغسطس 2011 سنة دولية للشباب.
وفي كلمتها، قالت ريما خلف إن التحديات المعقدة التي تواجهها المنطقة سوف تؤثر على طريقة عمل الأمم المتحدة مع شركائها. "ولكي نكون فعالين، لا بدّ من تجنّب تعميم السياسات الجاهزة والبحث عن طرق عمل مبتكرة وجريئة من أجل مواكبة الواقع. علينا أن نوحد مواردنا من خلال العمل معاً وبفعالية حتى نأتي بحلول إبداعية تلبي الاحتياجات الحقيقية للمنطقة التي نعمل في خدمتها". كما دعت خلف إلى التغيير في أساليب العمل لضمان فرادة وحيوية دور الأمم المتحدة في المنطقة. وأخيراً قالت خلف أنه "من واجبنا أن نعدّ شبابنا لعيش حياة لائقة وكريمة، وأن نهيئ بيئة تتيح لهم فرص أفضل. فنحن من يقرر إذا كانت الزيادة في أعداد الشباب نقمة على المنطقة أو نعمة لها".
وفي كلمة جامعة الدول العربية، أشارت بحوث إلى أن الاجتماع يكتسب أهمية خاصة كونه ينعقد بعد اختتام أعمال مؤتمر قمة الألفية في أيلول/سبتمبر الماضي وقبل انعقاد مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية الثانية في مصر في كانون الثاني/يناير القادم. وتكلّمت المسؤولة العربية عن بعض الانجازات المشتركة بين الجامعة والأمم المتحدة والتي مثّلت قواعد لرسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية. وأكدت بحوث أننا بحاجة ماسة إلى الاستثمار في التنمية البشرية "لتحويل مجتمعاتنا إلى مجتمعات تبدع المعارف والحلول الإنمائية ولا تستعيرها"، مضيفةً أنه على الرغم من ضخامة التحديات إلا أن مستقبل التنمية متاح وضروري.
الاجتماع، الذي يختتم أعماله بعد ظهر الجمعة بمؤتمر صحافي لتلاوة التوصيات، يهدف إلى تعزيز التنسيق الاستراتيجي وتبادل المعلومات على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي بين منظمات الأمم المتحدة وشركائها الإقليميين ودون الإقليميين. وسيتم التركيز في اجتماع هذا العام على تعزيز مشاركة أصحاب المصالح المتعددين داخل منظومة الأمم المتحدة ومع أصحاب المصالح الإقليميين الإستراتيجيين في عملية التصدي للتحديات الإنمائية للشباب.